سورة الكهف - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {ولا تقولن لشيءإني فاعلٌ ذلك غداً} {إلا إن يشاء الله} قال الأخفش: فيه إضمار وتقديره: إلا أن تقول إن شاء الله، وهذا وإن كان أمراً فهو على وجه التأديب والإرشاد أن لا تعزم على أمر إلا أن تقرنه بمشيئة الله تعالى لأمرين:
أحدهما: أن العزم ربما صد عنه بمانع فيصير في وعده مخلفاً في قوله كاذباً، قال موسى عليه السلام {ستجدني إن شاء الله صابراً} [الكهف: 70] ولم يصبر ولم يكن كاذباً لوجود الاستثناء في كلامه.
الثاني: إذعاناً لقدرة الله تعالى، وإنه مدبر في أفعاله بمعونة الله وقدرته.
الثالث: يختص بيمينه إن حلف وهو سقوط الكفارة عنه إذا حنث.
{واذكر ربك إذا نسيت} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنك إذا نسيت الشيء فاذكرالله ليذكرك إياه، فإن فعل فقد أراد منك ما ذكرك، وإلا فسيدلك على ما هو أرشد لك مما نسيته، قاله بعض المتكلمين.
الثاني: واذكر ربك إذا غضبت، قاله عكرمة، ليزول عنك الغضب عند ذكره.
الثالث: واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله في يمينك. وفي الذكر المأمور به قولان:
أحدهما: أنه ما ذكره في بقية الآية {وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشداً}
الثاني: أنه قول إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه.
واختلفوا في ثبوت الاستثناء بعد اليمين على خمسة أقاويل:
أحدها: أنه يصح الاستثناء بها إلى سنة، فيكون كالاستثناء بها مع اليمين في سقوط الكفارة ولا يصح بعد السنة، قاله ابن عباس.
الثاني: يصح الاستثناء بها في مجلس يمينه، ولا يصح بعد فراقه، قاله الحسن وعطاء.
الثالث: يصح الاستثناء بها ما لم يأخذ في كلام غيره.
الرابع: يصح الاستثناء بها مع قرب الزمان، ولا يصح مع بعده.
الخامس: أنه لا يصح الاستثناء بها إلا متصلاً بيمينه وهو الظاهر من مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.


قوله عز وجل: {ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً} في قراءة ابن مسعود قالوا لبثوا في كهفهم. وفيه قولان:
أحدهما: أن هذا قول اليهود، وقيل بل نصارى نجران أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً، فرد الله تعالى عليهم قولهم وقال لنبيه {قل الله أعلم بما لبثوا}
واتلقول الثاني: أن هذا إخبار من الله تعالى بهذا العدد عن مدة بقائهم في الكهف من حين دخلوه إلى ما ماتوا فيه.
{وازدادوا تسعاً} هو ما بين السنين الشمسية والسنين القمرية.
{قل الله أعلم بما لبثوا} فيه وجهان:
أحدهما: بما لبثوا بعد مدتهم إلى نزول القرآن فيهم.
الثاني: الله أعلم بما لبثوا في الكهف وهي المدة التي ذكرها عن اليهود إذ ذكروا زيادة ونقصاناً.
قوله عز وجل: {أبصر به وأسمع} فيه تأويلان:
أحدهما: أن الله أبصر وأسمع، أي أبصر، بما قال وأسمع لما قالوا. الثاني: معناه أبصرهم وأسمعهم، ما قال الله فيهم.
{ما لهم من دونه من وَليّ} فيه وجهان:
أحدهما: من ناصر.
الثاني: من مانع. {ولا يشرك في حكمه أحداً} فيه وجهان:
أحدهما: ولا يشرك في علم غيبه أحداً.
الثاني: أنه لم يجعل لأحد أن يحكم بغير حكمه فيصير شريكاً له في حكمه.


قوله تعالى: {ولن تجد من دونه مُلتحداً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ملجأ، قاله مجاهد، قال الشاعر:
لا تحفيا يا أخانا من مودّتنا *** فما لنا عنك في الأقوام مُلتحد
الثاني: مهرباً، قاله قطرب، قال الشاعر:
يا لهف نفسي ولهفٌ غير مغنيةٍ *** عني وما مِنْ قضاء الله ملتحدُ
الثالث: معدلاً، قاله الأخفش.
الرابع: ولياً، قاله قتادة. ومعانيها متقاربة.
قوله عز وجل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم} فيه وجهان:
أحدهما: يريدون تعظيمه. الثاني: يريدون طاعته. قال قتادة: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فلما نزلت عليه قال: «الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر معهم».
{يدعون ربهم بالغداة والعشي} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يدعونه رغبة ورهبة.
الثاني: أنهم المحافظون على صلاة الجماعة، قاله الحسن.
الثالث: أنها الصلاة المكتوبة، قاله ابن عباس ومجاهد.
ويحتمل وجهاً رابعاً: أن يريد الدعاء في أول النهار وآخره ليستفتحوا يومهم بالدعاء رغبة في التوفيق، ويختموه بالدعاء طلباً للمغفرة.
{يريدون وجهه} يحتمل وجهين:
أحدهما: بدعائهم.
الثاني: بعمل نهارهم. وخص النهار بذلك دون الليل لأن عمل النهار إذا كان لله تعالى فعمل الليل أولى أن يكون له.
{ولا تعد عيناك عنهم} فيه وجهان:
أحدهما: ولا تتجاوزهم بالنظر إلى غيرهم من أهل الدنيا طلباً لزينتها، حكاه اليزيدي. الثاني: ما حكاه ابن جريج أن عيينة بن حصن قال للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم: لقد آذاني ريح سلمان الفارسي وأصحابه فاجعل لنا مجلساً منك لا يجامعونا فيه، واجعل لهم مجلساً لا نجامعهم فيه، فنزلت.
{ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذِكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً}.
قوله {أغفلنا} فيه وجهان:
أحدهما: جعلناه غافلاً عن ذكرنا.
الثاني: وجدناه غافلاً عن ذكرنا.
وفي هذه الغفله لأصحاب الخواطر ثلاثة أوجه: أحدها: أنها إبطال الوقت بالبطالة، قاله سهل بن عبد الله.
الثاني: أنها طول الأمل.
الثالث: أنها ما يورث الغفلة.
{واتبع هواه} فيه وجهان:
أحدهما: في شهواته وأفعاله.
الثاني: في سؤاله وطلبه التمييز عن غيره.
{وكان أمرُه فُرُطاً} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: ضيقاً، وهو قول مجاهد.
الثاني: متروكاً، قاله الفراء.
الثالث: ندماً قاله ابن قتيبة.
الرابع: سرفاً وإفراطاً، قاله مقاتل.
الخامس: سريعاً. قاله ابن بحر. يقال أفرط إذا أسرف وفرط إذا قصر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8